رفعت الأسد سرًا في موسكو.. هل يحضّر للعودة الكبرى؟
/// وكالة شبكة الجزراوي الاخبارية A NN J /// - اتُّهم رفعت الأسد بواحدة من أسوأ الفظائع التي شهدتها سوريا في عام 1982، ثم نُفي من البلاد بعد خلافه مع نظام أخيه، لكنه يرنو مرة أخرى إلى
السلطة، وهذه المرة بمساعدة موسكو، وذلك بحسب ما أفادت صحيفة "لو تامب" السويسرية الناطقة بالفرنسية.
في أمسية خريفية بفندق متروبول، يمارس عدد قليل من الحراس الشخصيين قتل الوقت في صمت داخل هذه الأروقة الفاخرة بمدينة جنيف. على الرغم من اعتيادهم لفترة طويلة على استضافة عملاء مرموقين،
فإن رجال الأمن الموجودين هنا لا يحمون ممثلاً مشهوراً أو نجماً موسيقياً ذائع الصيت، وإنما وكيلهم هو رفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد. إنه هنا مع أحد أبنائه، سوار الأسد، البالغ من العمر 40
عاماً.
يقول أحد العملاء المنتظمين للبار: "غالباً ما يقضي رفعت فترات طويلة من الزمن في جنيف، ويتطلع إلى الإقامة فيها". وشوهد عم الرئيس وهو يتجول أيضاً بالقرب من بحيرة جنيف. إنه يعرف الطرق من
حوله، بعد أن عاش بالفعل هنا في الثمانينيات، في بداية منفاه. ووفقاً لمصدر مطلع، لا يتم توفير الحماية لرفعت الأسد من قِبَل السلطات المحلية، نظراً لأنه لا يتمتع بحيثية دبلوماسية. ولكن يتم إبلاغ الشرطة
بتواجده المنتظم في أنحاء جنيف.
يقول مصدر في المعارضة السورية: "لقد رأيته هنا كثيراً على مدى العامين الماضيين على الرغم من الفظائع التي يُعتبر مسؤولاً عنها".
حرب بين الأشقاء
اتُّهم رفعت بمحاولة الإطاحة بأخيه، وأُلقي به في المنفى. لقي رفعت الأسد ترحيباً حارّاً في فرنسا، حيث منحه الرئيس فرانسوا ميتران وسام جوقة الشرف في عام 1986 نظير خدماته التي قدمها للدبلوماسية
الفرنسية في الشرق الأوسط.
ولكن بعد 30 عاماً، فقدت فرنسا حماسها لربيبها السابق. في عام 2014، فتحت نيابة باريس تحقيقاً ضده في أعقاب شكوى من جماعات مكافحة الفساد ومنظمة الشفافية الدولية. ادعى رفعت الأسد بأنه طُرد من
سوريا دون قرش واحد، لكنه جمع ثروة عقارية تصل قيمتها إلى 90 مليون يورو (100 مليون دولار)، ناهيك عن ممتلكاته الرائعة في لندن وإسبانيا. ويعتقد المحققون أنه جمع هذه الأموال نتيجة الفساد خلال
الفترة التي ساعد فيها أخوه الأكبر سناً في دمشق.
ومع استمرار التحقيق، كرّس ابنه سوار رفعت الأسد نفسه لكتابة رواية. نُشرت روايته الأولى، (من كل قلبي)، في عام 2012 ويستعد لإطلاق الثانية بعنوان "لموسم واحد"، وهي رواية بوليسية تدور في لندن
في فترة العشرينات. يكتب سوار باللغة الفرنسية، بعد أن تلقى تعليمه في سويسرا منذ عمر 8 سنوات قبل أن يدرس في جامعة السوربون في باريس. وهذه إحدى طرقه ليشق طريقه في الحياة، كما ذكر
للصحافيين ذات مرة.
ومع ذلك، هذا لا يعني أن الابن قد ترك السياسة جانباً. فهو يمتلك الآن "شبكة الأخبار العربية"، وهي شبكة تلفزيونية مقرها لندن، ويرأس تحالف "التجمع القومي الديمقراطي الموحد"، وهي حركة سياسية أسسها
والده. رفض سوار إجراء مقابلة شخصية مع الصحيفة السويسرية متعللاً بأن جدول أعماله متغير ولا يمكن التنبؤ به.
بعد المنفى
برغم كل ما قدمه من انتكاسات، لم يتلاش اسم رفعت الأسد من رقعة الشطرنج الجيوسياسية. فمنذ بداية الانتفاضة السورية، لم يدخر وسعاً في توجيه الانتقادات لابن أخيه. كان رفعت دائماً واضحاً بأنه يعتقد
نفسه أصلح من بشار لحكم سوريا. لكنه لم يدع إلى تنحيه عن الحكم، مشيراً بدلاً من ذلك "طريق ثالث".
خيار غير مقبول في الغرب
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن الغرب لا يعتبر ذلك خياراً معقولاً، لكن موسكو، من ناحية أخرى، تبدو مهتمة بهذا الطرح. في نهاية عام 2013، أشارت تقارير في جنيف بأن رفعت الأسد تلقى دعوة من نائب
وزير الشؤون الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، الذي كان قد حاول عبثاً أن ضمه إلى وفد المعارضة في مفاوضات جنيف 2.
وعلى الرغم من إنكار المسؤولين الروس للالتقاء به رسمياً خلال الأشهر القليلة الماضية، فهم على بينة من تحركات رفعت وما يجري حول البحيرة بشكل جيد.
وعلمت صحيفة "لو تامب" أيضاً أن رفعت وسوار الأسد كانا في موسكو مؤخراً، في التوقيت نفسه الذي تواجد فيه هناك ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الذي كان يسعى
لإعادة بدء المفاوضات من جنيف.
هل التقى "دي مستورا" برفعت الأسد؟ تقول المتحدثة باسمه جيسي شاهين: "لا يمكننا إخبارك بتفاصيل لقاءاته".
يقول رئيس تحرير "سوريا في الأزمة"، وهو موقع نشرته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، آرون لوند "إنني لو كنت مبعوث الأمم المتحدة، سيهمني أن يجتمع الجميع. ومع ذلك، لا يمكن أن يكون رفعت الأسد
بديلاً لابن أخيه. فهو أقل شعبية من بشار داخل النظام، وتكرهه المعارضة بالقدر ذاته".
الوهم الكبير
ولكن يتوقع لوند فرضية أخرى، بالقول: "يمكن أن تكون الاتصالات مع رفعت الأسد وسيلة لوضع المزيد من الضغوط على بشار كنوع من الخداع ليفهم أنهم يبحثون عن بديل له. لكنني لا أظن أن أي شخص
يتصور رفعت حاكماً لسوريا، ربما باستثناء رفعت نفسه".
من المستحيل أن نقول على وجه اليقين أن رفعت الأسد، البالغ من العمر الآن 78 عاماً والرجل الثاني الأكثر رعباً في سوريا في وقت سابق، خارج الصورة. وبفضل زواجه أربع مرات، عقد نائب الرئيس
السوري السابق بعض التحالفات الدائمة مع عائلات علوية قريبة من السلطة. وبدأ العديد من الضباط في الصفوف الأمنية السورية العليا تحت قيادته ويدينون له بحياتهم المهنية.
ولا يزال بعض أبنائه يسافرون إلى سوريا، حيث ليسوا مثل أبيهم غير المرحب به. أخيراً، يُقال إن بشار لا يزال مرتاباً في نوايا عمه. يقول لوند: "أي انقسام داخل الأسرة سيعني نهاية النظام".
وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: "ربما سنعرف قريباً ما إذا كان رفعت الأسد متواجداً في جنيف لقضاء عطلة، أو ما إذا كان يتفقد الفنادق وممرات المدينة كمنصة انطلاق لعودته الكبرى".
لا تعليقات في " رفعت الأسد سرًا في موسكو.. هل يحضّر للعودة الكبرى؟ "
إرسال تعليق